عرفت ولاية تطاوين والجنوب الشرقي عموما الحضور البشري منذ أقدم العصور ويتجلى ذلك فيما تم أكتشافه خلال السنوات الأخيرة من محطات ما قبل تاريخية متمتيزة فابالأضافة إلى المؤشرات العديدة الدالة على أن الصحراء في الجنوب الشرقي كانت عامرة بالسكان في العصور الغابرة كما يؤكد ذلك وجود لرؤوس سهام و بعض الأدوات الحجرية المتنوعة حول محطة "تيارات" وفي عمق الصحراء ، تشير الدراسات الي وجود محطات ما قبل تاريخية في كلا من وادي "عين دكوك" وفي منطقة "جرجر" و"الدويرات" على أن أهم الأكتشافات في هذا المجال هي 3 محطات ما قبل تاريخية متميزة في عمق شعاب غمراسن وهي محطة "أنسفري" و "طاقة حامد" و " شعبة المعرك" بين 1987 و1995 وهذه المحطات عبارة عن كهوف صخرية تحمل على جدرانها وسقوفها رسوما جدارية يرجع تاريخها إلى ما قبل خمسة آلاف عام قبل الميلاد وتحتوي علي مشاهد من الحياة اليومية والمعتقدات السائدة في ذلك الزمن عند متساكني هذه الجهة.
كما عرفت ولاية تطاوين الحضارة الرومانية بصفتها جهة حدودية بين مجال السيطرة الرومانية ومجال القبائل الأمازيغية المستقلة في أطراف الصحراء وتبعا لذلك أنشأ الرومان في هذه الجهة عدة منشاءات ذات صبغة دفاعية مثل الحصون كحصن "تلالت" وحصن "رمادة" وفي نفس الوقت أنشأالرومان عدة منشآت زراعية كالسواقي والسدود ماتزال آثارها الي اليوم. وعرفت ولاية تطاوين الفتح الإسلامي الذي تم عبر الجادة الكبري أو سهل جفارة وذلك مع أواسط القرن السابع ميلادي وفي المرحلة الأولى دفع هذا الفتح بالقبائل الأمازيغية مثل"رفجومة" و"لواته" و"مطغرة" و"رتاتة" و"هوارة" إلى الأحتماء بالحصون في أعالي الجبال وترك السهل للفاتحين ونتج عن ذلك تشييد قرى جبلية وقلاع في قمم الجبال مثل "شنني"و"قرماسة"و"الدويرات" وبحكم تواصل الفتح الإسلامي وتدفق العنصر العربي وخاصة بعد الحركة الهلالية واستقرار بعض القبائل العربية في الجنوب الشرقي مثل "أولاد دياب" و"المحاميد" تفاعلت هذه القبائل الأمازيغية مع الفاتحين فأنصهر العنصرين الأمازيغي والعربي وتخلي العنصر العربي عن حياة الترحال وأنشأت في مرحلة أولى القصور الجبلية ثم القصور السهلية وهي عبارة عن معاقل للأحتماء والتحصن في بداية أمرها ثم تحولت الي مواضع لتخزين المنتوجات الفلاحية بأنواعها وفي العصور الحديثة أصبحت نواة للحياة الحضرية حيث نشأت حولها مدن كتطاوين.